Friday, 25 January 2013

تحياتى لهذا المجتمع الذكورى 4 .... بقلم ريم موسى


 يعنى إيه هتتطلقى !!؟ قالتها الأم فى إستنكار و كانت هذه أول جملة تُقال بعد فترة من الصمت التى سادت هذا المنزل الفاخر القديم ندى: يعنى هأطلق يا ماما أنا مش هأقدر أعيش معاه بعد اللى عمله فيا ده. حاولت "ندى" أن تُبدى حزنها و خيبة أملها على عكس ما كان بداخلها لأنها أحست أنها بهذا القرار تثأر لكرامتها و كبرياءها الذان أذاهما "حسين" بزواجه عليها .
الأم : إحنا كلمة الطلاق دى متقلتش فى العيلة قبل كده
ندى: مش لازم تتقال يا ماما المهم انى عايزة أطلق أنا أتهنت انتى إزاى متخيلة انى هأقدر أبص ف وشه بعد كده
الأم: إستحملى يا بنتى متخربيش عل نفسك و كمان انتى لسه مكملتيش حاجة فى الجواز ما تقول حاجة يا مدحت
الأب: يا حبيبتى تلاقيها نزوة و هيرجعلك انتى ف الآخر هو هيلاقى زيك !!
ندى: يا بابا ده راح يتجوز عليا عشان يخلف و معمليش أى إعتبار قالتها بمرارة
الأم: ما هو راجل زى كل الرجالة الخلفة دى أهم حاجة ف دماغهم و كمان انتى كبرتى يا ندى مينفعش تقولى انى هتتلطقى الناس تقول إيه !! هتقول عليكى انتى انك المعيوبة و انك اللى مش كويسة
ندى بعصبية : ملعون أبو ده مجتمع اللى هيخلينى أعيش مع واحد لمجرد انى خايفة الناس عتقول عليا إيه !! ما يقولوا اللى يقوله
أنا مالى ما هو مجتمع متخلف اللى بيحلل للراجل كل حاجة أنما لو الست هى اللى أتكلمت أو طالبت بحقوقها تبقى هى اللى زبالة
الأم: لازم تستحملى يا ندى مينفعش تتطلقى
الأب : إسمعى كلام أمك يا ندى
ندى: صحيح أنا معيبش عليه هو الغريب لما يعمل معايا كده إذا كان أهلى هما كمان بيعموا كده معايا بجد تصدقوا ندمتونى أنى جيت ليكوا
الأم: يعنى إيه يا ندى!؟
ندى: يعنى يا ماما أنا مش لازم أستحمل اللى انتى أستحملتيه و فضلت أنا أتعذب طول عمرى عشان انتى ضحيتى عشانى
و سادت فترة آخرى من الصمت و لكنها كانت أطول و أشد قسوة من سابقتها
ندى: أنا أسفة أنى جيت أقعد معاكوا كنت فاكركوا هتكونوا ف صفى بس أنا كنت غلطانة عامة أنا أسفة ليكوا مع السلامة
غادرت ندى بدون الألتفات خلفها و لا اسماع لما يقوله والديها و بمجرد أن وقفت أمام بوابة العمارة و أخذت تفكر أين تذهب الآن !!؟
                                                                                                                 يُتبع 

Tuesday, 22 January 2013

تحياتى لهذا المجتمع الذكورى 3 .... بقلم ريم موسى


هناك مقولة تقول "فى العلاقة بين الرجل و المرأة الرجل دائما تحركه غريزته بينما المرأة ف غريزتها عى الحب" نصف هذه المقولة تنطبق على علاقة "ندى" و "حسين" . كان ما يحرك "حسين" غريزته و ليست بالمعنى المتعارف عليه هو لم يتزوج فقط إرضاء لغريزته الرجولية و لكنه تزوج لإرضاء غريزة الأبوة لديه . من الممكن أن "ندى" لا تحب "حسين" الحب الذى نقرأه فى قصائد نزار قبانى و أشعار فاروق جويدة و روايات إحسان عبد القدوس و لكنها أحبته حب من نوع آخر حب العشرة و التعود عليه . و مع أنها لم تحبه الحب الأسطورى إلا أنها لم تستطع أن تستوعب فكرة أنه تزوج عليها من الممكن أن كبرياءها و كرامتها لا يستطيعا التأقلم مع هذه الفكرة . من الممكن لو كانت "ندى" شخص آخر كانت من الممكن أن تتقبل الفكرة و لكن "ندى" أصرت أن تطلب الطلاق

أسرعت "ندى" بتجميع ملابسها و وضعها فى شنطة و أثناء توجها لباب وقفت للحظات أمام صورة زفافها و قبل أن تسقط دمعتها بسبب حوارها مع زوجها الذى كانت نتيجته أنها طالبت بالطلاق بعد أن أذها بكلماته .غادرت المنزل مسرعة متجهة لمنزل والديها. ظلت طوال طريقها لمنزل والديها تتذكر كم كانت حياتها قبل الزواج مقاربة للمثالية و أنها كانت تعتقد أن حياتها مع زوجها سوف تكون سيئة و لكنها لم تتوقع أن تكون سيئة لهذه الدرجة التى وصلت لها فقط خلال عام و بضعة أشهر من الزواج . وصلت ندى لمنزل والديها و لكنها ترددت قليلا قبل الصعود لهم بسبب خوفها مما سوف يقولونه خاصة والدتها ...........
دقت "ندى" الجرس و بمجرد أن فتحت والدتها الباب بدأت الأسئلة التى كانت مترددة فى الذهاب لوالديها بسببها .
والدة "ندى" : إيه اللى جابك الساعة دى يا بنتى !؟ إيه اللى حصل !؟  .
ندى : طب أدخل بس الأول يا ماما و بعد كده إسألى اللى انتى عايزاه
والدة "ندى" : ادخلى طبعا و اقعدى كده و قوليلى ايه اللى حصل !!؟ تعالى يا "مدحت" دى "ندى" جت معرفش جاية ليه الساعة دى !؟
ندى: تعالى يا بابا عشان أنا عايزة أتكلم معاكوا شوية
والد "ندى" : إيه اللى حصل في ايه إتكلمى !!
ندى : أنا هأطلق ...........
ساد الصمت لدقائق و لكنها مرت كساعات من العذاب على كل من "ندى" و "والديها"

مشكلة المجتمع المصرى الشرقى عامة و الأرياف خاصة هى أخذ كلام الناس بجدية شديدة لدرجة أنهم قد يعدموا عقولهم لو كانت تخالف أو تفكر فى شئ قد يثير كلام الناس ضدهم . هل تعلموا كم زوجة كانت حياتها فاشلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى و لكنها لم تطالب بالطلاق لمجرد أن المجتمع يرفض فكرة الطلاق !!!! هل تعلموا كم طفل نشأ فى منزل ملئ بالخلافات و الأختلافات فقط لأن الوالدين يخافوا ما قد يقال على أطفالهم بعد الطلاق و بالأخص لو كانوا فتيات !!! لا يمكن أن تتخيلوا هذا العدد الكبير ....... الرجل لا يتحمل وحده نتيجة نجاح الزواج أو فشله المرأة و الرجل سويا يتحملا هذه النتيجة و لكنى أنظر للرجل بصورة خاصة لأنه الأقوى نسبيا أكثر من المرأة و هنا أتحدث عن القوة العصبية و ليست القوة الجسدية ......
الفراغ الذى بدأ يعانى به البعض هو السبب فى القيل و القال و التدخل فيما لا يعنيهم من شئوون الآخرين و هذا هو المرض المتفشى فى مجتعنا التدخل فيما لا يعنيهم .... لو أنهم فقط يفهموا المقولة " لا تتدخل فيما لا يعنيك حتى لا تسمع ما لا يرضيك " و لكن من يستمع لهم هم الذين يعطوهم الحق فى التدخل .

ضحكت "ندى" بينها و بين نفسها ضحكة فيها إستهزاء عندما بدأت فى التفكير أن حياتها مع زوجها لابد أن تنتهى بأى شكل و قبل أن يكرهم أولادهم بسبب كثرة خلافاتهم سويا و كان سبب هذه الضحكة تذكرها لحديثها مع والديها فى المرة الأولى ........

                                       يتُبع

 


Monday, 7 January 2013

تحياتى لهذا المجتمع الذكورى 2 .... بقلم ريم موسى

ماما عملتلنا السندوتشات و لا ايه بابا مستعجل و عايزنا ننزل؟؟ فاقت *ندى* على صوت إبنها البكر *أحمد* 
ندى: حاضر يا حبيبى السندوتشات جاهزة هأجيبهالكوا من جوه
غادر *حسين* و طفليه المنزل و بدأت *ندى* بترتيب المنزل بدءاً من غرفة المعيشة و هى داخل الحجرة تذكرت حوارها مع زوجها بعد معرفتها انه تزوج عليها
ندى:انت ازاى عملت كده !!؟
حسين: أمال انتى كنتى متخيلة ايه انا عايز اشوف خلفتى قبل ما أموت
ندى:و أنا إيه ماليش إعتبار عندك!!؟
حسين:إعتبار ايه!؟ ايه الكلام الفارغ ده !؟
ندى:كلام فارغ !!! انت شايف كده بقى؟
حسين:اه شايف كده انتى عايزة ايه تانى ما انتى لسه عل ذمتى اهوه
ندى:لا بجد انت تُشكر انى لسه ذمتك
 حسين: ااه طبعا أشكر انى لسه مخليكى على ذمتك و بعدين انتى أصلا ازاى تتكلمى معايا كده !!؟
ندى(فى لهجة محتدة) : امال اتكلم معاك ازاى لما اعرف انك اتجوزت عليا اقولك برافو يا حسين و الله عملت الصح
حسين: انا الشرع محليلى أنى أتجوز أربعة و انتى تخرسى و تقومى تحضريلى الأكل و انتى ساكتة
ندى:طب ما تروح للمدام التانية تحضرلك الأكل زى ما هأتجيبلك ولى العهد
حسين:يوووه احنا هنخلص امتى بقى امشى من ادام وشى دلوقتى
ندى:لا مش ماشية يا حسين
حسين: امشى من أدامى بدل ما أقولك كلام يجرحك يا ندى
 


ندى :هتجرحنى اكتر من كده ايه يا حسين قول اللى عندك !!!!
حسين: انا مش عايز اقولك انك كبرتى و معرفش لو صبرت عليكى سنة كمان ولا سنتين هتقدرى تخلفى ولا لاه انتى عديتى التلاتين لو كنتى نسيتى يعنى  
ندى: انا مش مصدقة انك قلت الكلام ده يا حسين !!!؟
حسين: انا قلتلك من الاول انى مش عايز اجرحك اكتر من كده بس انتى اللى مصرة تسمعى وكمان انا راجل و من حقى اسعى انى اخلف و لو سمحتى تسكتى انا راجع من الشغل تعبان و مش طايق اسمع كلام اكتر من كده
ندى: طلقنى يا حسين انا عايزة اطلق انا لا يمكن اعيش معاك ثانية واحدة بعد كل الكلام ده
رن جرس هاتف ندى المحمول و اسرعت لترى من المتصل بعد ان اكتشفت انها واقفة فى مكانها منذ أكثر من نصف ساعة لتتذكر سنوات حياتها الأولى مع زوجها حسين
نظرت للهاتف ووجدت رقم والدتها ولكنها قررت عدم الرد و قالت مخاطبة اسم والدتها على شاشة الهاتف "انتى اللى عملتى فيا ده كله يا ماما ربنا يسامحك !!!! "
أسرعت "ندى" لأتمام مهام بيتها قبل ان يأتى موعد رجوع أولادها من المدرسة و تنشغل معهم ولكن وسط انهماكها فى الشغل وقفت أمام المرآه قليلا لتتأمل ملامحها التى تغيرت و ظهر عليها علامات التقدم فى السن من أين أتت تلك الهالات السوداء تحت عينيها العسلية ؟ من أين أتى كل هذا الهم الذى تحمله فى عيونها!؟  و غير ذلك ما كل هذه الكسرات التى ملئت هذا الوجه الذى كان فى يوم من الأيام لا تفارقه الأبتسامة و الذى كان نضر دائما بدون ان يحمل اى هموم!!! لهذه الدرجة أهملت نفسها !؟ ام ان الهموم و الحزن اللذان ظلا يطاردنها طيلة هذه السنين أنسوها نفسها !؟ .
لم تعد تجد الوقت الكافى للاهتمام بنفسها لأن كل ذلك كان فى نظر "حسين" مجرد مضيعة للمال أولا و للوقت ثانيا ولا يهم فى أى شئ .تحولت "ندى" لإنسانة هى لا تعرفها و لا تحب ان تتعرف عليها حتى !!!
كانت "ندى" فى يوم من الأيام تلك الفتاة التى تحلم بهذا الشاب الذى سوف يأتى ليخطفها لدنيا الأحلام التى لا توجد بها اى شئ يعكر صفو حياتها مع فتى أحلامها و لكن كالعادة تأتى الرياح بما لا تشتهيه السفن  كانت حياتها مع "حسين" مجرد مأساة آخرى عليها أن تتعايش معها و لكم كانت توجد مأساة أكبر و هى عدم إستطاعتها من التحرر من حسين أو بمعنى آخر الطلاق منه لأن – كما كانت تقول والدتها دائما – "اواى تتطلقى الكلمة دى متقلتش فى عيلتنا قبل كده و بعدين انتى عارفة الناس بتبص إواى للست المطلقة و انتى عايزة الناس تقول عليكى ايه معيوبة!! " و هذه هى كانت المأساة الأكبر انها لا تستطيع ان تطلب الطلاق لأن هذا خطأ بكل المقاييس فى مجتمعنا المصرى الشرقى و يقال عن المرأة المطلقة – ما قاله مالك فى الخمر- و لكن هذا لا يمنع انها طالبت فعلا بالطلاق مرة .
يُتبع