بعض الأهالي لا يدركوا فضاحة ما يفعلوه بأبنائهم إلا بعد فوات
الأوان هذا ما حدث مع ندى بالظبط . بعد إحدى عاما من زواج ندى أدرك أبويها أن هذا
الزواج كان خطأ منذ البداية و أنه مع مرور الوقت كانوا يفقدوا أبنتهم تدريجيا . لم
يفقدوها بالمعنى الفعلى أنها توفت أو ما شابه لكنهم فقدوا أبنتهم التى إعتادوا أن
يروها. أفقدوا أبنتهم رونقها و أفقدوها ذاتها التى طالما كانت تحاول الحفاظ عليها
. بدأت أسرة ندى بتدارك كل ما فعلوه مع ابنتهم عن طريق أطفالها . كانت والدة ندى
أول من بدأ بملاحظة ذلك بأنها إكتشفت أن كل ما كانت تفعله مع زوجها و أصاب ندى
بالأحباط و بعض الأهتزازات فى شخصيتها وجدته يتكرر مع أحفادها . بدأت تتساءل ماذا
فعلت مع إبنتها و كيف جعلتها تصل لما هى وصلت إليه مع إنها كانت قد أقسمت ألا تفعل
بإبنتها ما فُعل بها و لن تجعل ما يجرى بينها و بين زوجها يؤثر على إبنتها و لكنها
إكتشفت أنها فشلت و أنها خذلت إبنتها و فعلت بها ما لم تكن تريده أن يحدث . موقف
والد ندى كان مختلف قليلا عن موقف زوجته حيث أن الرجال لا يستطيعوا أن يروا
أخطائهم بسهولة و يصعب عليهم أن يروا أخطائهم تؤثر بأقرب الناس على قلوبهم . كان
من الصعب على والد ندى أن يرى فى إبنته و أحفاده نتيجة أفعاله مع زوجته و إجبار
إبنته على زواج كان محكوم عليه بالفشل و كأنه ينظر فى المرآه و يرى كل ما حدث لندى
يتكرر مع أبنائها و كأنها سلسلة من الأخطاء التى لا تنتهى . و على الرغم من أن ذلك
دافع كان يرغمهم لأنهاء هذه الزيجة بمجرد أن أتتهم أبنتهم أول مرة مطالبة بالطلاق
و لكنهم لم يستطيعوا أن يوافقوا على الطلاق كحل لأبنتهم لأنهم ببساطة هذا النوع
التقليدى من الأهالى الشرقيين الذين لا يرضوا أن يروا إبنتهم مطلقة و لأن ذلك له
توابع كثيرة فى مجتمعنا ذو الأمراض النفسية الأجتماعية اللامنتهية . أخد والدى ندى
إحدى عشر عاما ليدركا ما فعلاه. و لكن ندى أدركت كل هذا منذ أول يوم عرفت به أنها
حامل أدركت أن أطفالها للأسف يمكن أن يصلوا لنفس نتيجتها إذا لم تتصرف سريعا .
خرجت ندى مع عاصم من المشفى بعد أن تلقت صدمة أنها حامل و
كحال الدنيا تأتينا دائما بما لا نتوقعه فى الوقت الغير متوقع تماما و لكن قلق ندى
الأكبر كان كيف ستخبر والديها بخبر حمالها فى نفس الوقت الذى كانت قد أخبرتهم
بأنها تريد الطلاق لأنها لا تتحمل إساءة حسين لها أكثر من ذلك . فى نفس الوقت كان
عاصم يشعر بما يدور فى بال ندى ف بمجرد خروجهم من المشفى عرض عليها الذهاب لأى
مكان لشرب أو تناول أى شئ قبل عودتها لمنزل والديها . عارضت ندى الفكرة فى البداية
و لكنها فى إخر المطاف وافقت فقط لتهدئ أعصابها قبل أن تذهب لوالديها . ساروا معا
حتى وصلوا لمطعم قريب من المستشفى دخلوا و بغض النظر عن حالة ندى النفسية تأملت
المطعم من حولها و أبدت إعجابها بالمكان و بتصميمه . لكن عاصم يعلم إنها بهذه
الطريقة تخفى قلقها و صدمتها .
ندى: عاصم انت ليه ساكت كده مالك فى إيه !؟
عاصم: ولا ساكت ولا حاجة أنا عايز أسمعك انتى لأنى هتطقى فأنا
عايزك تتكلمى
ندى: انت عارف يا عاصم المفروض انى أكون أسعد واحدة دلوقتى
أنى حامل بس أنا مش قادرة أحس بالفرحة دى كان نفسى لما أعرف حاجة زى دى يكون جوزى
اللى بيحبنى اللى متجوزش عليا عشان أتأخرت فى الحمل جنبى أن أهلى اللى بيفضلوا
راحتى و سعادتى على أى حاجة فى الدنيا معايا بس هأقول إيه ربنا له حكمة إنى أبقى
حامل فى الوقت ده . الحمد لله فى غيرى كتير يتمنوا أنهم يكونوا فى مكانى دلوقتى
الحمد لله . أنا بس اللى خايفة منه لما أروح أقول لماما أنا حامل أنا عارفة هتقولى
لازم تروحى بيت جوزك و كلمة الطلاق دى متقوليهاش تانى الطفل ده لازم يتربى بينكو و
تستحملى عشان اللى جاى ده . و هتقول ازاى تبقى مطلقة و انتى حامل عايزة الناس تقول
عليكى إيه ؟ أنا بس مش عايزة الطفل ده يحصله اللى حصلى نتيجة خلافات بابا و ماما .
الحقيقة إن عاصم لم يكن منصت تماما لما تقوله ندى و لكنه كان
يتأمل ملامحها التى أحس أنها كبرت كثيرا فى سنتين من حياتها و سأل نفسه هل يمكن أن
تكون الظروف التى عاشتها مع زوجها من زواجه بغيرها و إهانته المستمرة لها و لكنه
مع كل ذلك كان يعلم بداخله أن هناك شئ تخفيه صديقته عنه و عن أهلها شئ كسرها ولا
تستطيع التحدث عنه كان شبه متأكدا من ذلك . و لأنه صديقها منذ وقت طويل كان يستطيع
أن يعرف شئ كهذا من عينيها .
ندى: و كل ده و هما مش فاهمين .....
قاطعها عاصم قائلا
بجدية شديدة : انتى مخبية ايه و مش راضية ان حد يعرفه ؟
ندى: مخبية إيه ولا مخبية حاجة.
عاصم: أنا متأكد ان فى حاجة جواكى مش عايزة حد يعرفها
ندى: مفيش حاجة يا عاصم ممكن نقوم بقى عشان أروح
عاصم: أنا كده أتأكدت ان فى حاجة انا موجود عامة لو عوزتى
تقوليلى فى ايه !!
ندى: ماشى يا سيدى ممكن نمشى بقى.....
No comments:
Post a Comment