Tuesday, 16 April 2013

تحياتي لهذا المجتمع الذكورى 10 ..... بقلم ريم موسى




فى مجتمعنا المصرى أصبح الزواج كصفقة من يدفع أكثر لمن تمتلك أصول أكثر أصبح الزواج كصفقة حقيرة فى السوق السوداء . الأشخاص فى مجتمعنا الجليل تناسوا المعيار الأساسى للزواج و بحثوا عن معايير آخرى . نسوا أو تناسوا أن القيمة الأساسية للزواج كما قال الرسول(ص) من ترضوا دينه و خلقه فزوجوه و لا يمكن غض النظر عن التكافؤ الإجتماعى و التكافؤ المادى بين الطرفيين و لكن الأمر إختلف تماما الآن حيث أن أصبح الزواج جوهره المادة . أصبح الزواج عبارة عن من سيدفع مهر أكثر من غيره و من يمتلك شقة تمليك و من سيشترى شبكة بسعر أعلى و من سيكتب مؤخر أعلى من غيره و مثل ذلك فى الكثير من الأمور أصبح مجمل الزواج المادة البحتة . و نسينا كل المعانى الجميلة للزواج من حيث انه بداية لأنشاء أسرة و بيت جديد و حياة جديدة و اندماج بين عائلتين أو بمعنى أصح إنصهار عائلتين . و نسوا أيضا أن الزواج لابد أن يقام على أساس توافق فكرى بين الطرفين حتى يستطيعوا الأستمرار فى الزواج هذا لو لم نتحدث عن الحب و أن الحب يأتى بعد الزواج كما يقال فى الزواج التقليدى أو ما يسمى بزواج الصالونات . من تقبل على نفسها أن تعيش مع رجل بُنيت علاقتهما على المادة كيف ترى نفسها عندما تنظر فى المرآه . ألا ترى أى تشابه بينها و بين العاهرات التى يتم الدفع لهن أو الدفع لقوادهن لتمارس علاقة مع رجل . ألا تنظر لنفسها بإستحقار إذا شعرت فى يوم ان زوجها يبقيها على ذمته فقط لأنه غير قادر على دفع قيمة المؤخر أو قيمة القايمة . كيف ترى نفسها عندما تُهان بأسوء الطرق لمجرد أن زوجها يدفعها لطلب الخلع حتى لا يدفع المبالغ الطائلة التى كتبها على نفسه . كيف ترى نفسها عندما يتزوج زوجها غيرها و يتركها كما يقال "زى البيت الوقف" لمجرد أنه لا يرغب فى دفع قيمة لمؤخر و القايمة . لا أعنى بكلامى أن كل الزيجات بهذا الشكل و لكن هناك نسبة لا يستهان بها على هذا الشكل . حين نستمع لفتاة تم خطبتها حديثاً تتحكى لصديقتها عن خطيبها نجدها تقول "ده دكتور و عنده شقة تمليك و جابلى شبكة بالمبلغ الفلانى و هنجهز الشقة بالمبلغ الفلانى" و لا نراها تتحدث عن صفاته كرجل أو عن شكله أنما الحديث قائم على المادة أيضاً.
خلال رحلة عودة ندى لمنزل عمتها تذكرت أول مرة رفع فيها حسين يده و ضربها على وجهها و كم كانت تشعر بالأهانة و انها فقدت شئ من كبرياءها كيف انه يفعل معها شئ كهذا و كان هذا رد فعله نتيجة مناقشة تافهة عن مصاريف البيت . لكنها تذكرت أيضا أنها لم تكن المرة الوحيدة التى فعل فيها ذلك بل تتطور الأمر لأكثر من مجرد صفعة على الوجه . و لكنها لم تستطع أن تتحدث لأنها هكذا تهين كرامتها أكثر و أكثر و لأنها تعلم أن والديها لن ينصفاها كالعادة . ندى لم تستطع أبدا أن تقف أمام والديها لتقول لهم ما الذى تشعر به بالتحديد أو تعترض على أى قرار من قراراتهم .

وصلت ندى لمنزل عمتها و لكنها انتظرت لفترة فى السيارة لم تستطع ندى تحديد كم من الوقت مكثت فى السيارة ختى قررت النزول و مواجهة الأمر الواقع فى فترة مكوث ندى فى السيارة ظلت تنظر لكل من يمر بجوار سيارتها و تتخيل كم من حكاية وراء كل هذه الوجوه و أقنعت نفسها أنها أفضل من غيرها بكثير و أنها ستتخلص من كل مخاوفها و تصمد أمام والديها حتى يتم الطلاق و لكن كان هناك جزء خفى داخلها لم يكن متأكد من مدى صدق كلامها لنفسها . حاولت تذكر أى لحظة عاشتها و هى سعيدة مع حسين و لكنها لم تستطع تذكر أى شئ له و هذا كان بسبب أنه لم يكن هناك لحظات سعيدة بينهم تلك اللحظات التى تأخذها فوق السماء من السعادة و السبب الآخر ان بعد زواجه من آخرى أصبح صعب عليها تخيله و كل ما كانت تتخيله كانت تراه مع زوجته الآخرى . أخيرا ترجلت ندى من سيارتها و توجهت نحو هذه البوابة القديمة ذات الطراز العتيق الخاص بمنطقة الكربة فى مصر الجديدة و تذكرت عدد المرات التى كانت تلعب و هى ضغيرة فى مدخل هذه العمارة . هنا كانت تختبأ من بنات عمتها و هناك كانوا يجلسوا يلعبوا سيجا إبتسمت ابتسامة خفيفة و دخلت ذلك المصعد الضيق و صعدت للدور الثالث كانت ضربات قلبها تزداد قوة أحست ان هناك شئ سوف يحدث و مع ذلك تماسكت و خرجت من المصعد و ضغطت على جرس الشقة رقم 5 . فتح الباب رجل فى أواخر العقد السادس من عمره يرتدى بنطال رمادى اللون و قميص أبيض اللون و به خطوط طولية لونها رمادى طويل القامة ذو شعر شائب يعطيه وقار و هيبه ذلك الرجل لواء جيش متقاعد  قائلا : ندى ازيك يا حبيبتى عاملة ايه ؟ اتفضلى .
قالت ندى: عمتى موجودة يا أنكل؟
عماد: أه موجودة اتفضلى
دخلت ندى هذه الشقة ذات الطراز القديم ذو الأرضية الخشبية و السقف العالى و الشبابيك الطويلة و الحوائط ذات اللون الأبيض تدل هذه الشقة على أن ساكنيها أصحاب ذوق رفيع فى طريقة ترتيب البيت و كانت بالفعل تبدو فخمة جدا و كانت تحب ندى هذا المزيج من الفخامة و العراقة المتواجد فى منزل عمتها . فى مدخل الشقة توجد على الحوائط مجموعة من الصور لأفراد أسرة عمتها فى مختلف الأعمار و الفترات الحياتية و لكن توجد صورة أكبر من الباقيين و هى صورة بالأبيض و الأسود لزوج عمتها عماد ببذلته العسكرية و بجواره هذه المرأة الجميلة القصيرة رقيقة الملامح و الشعر القصير حين تراها كأنك ترى أحدى ممثلات السينما المصرية القديمة و ترتدى ذاك الفستان الأبيض الملائكى ذو التصميم الملكى و كما كانت ندى تسمع دائما انهم يشبهون هذا الفستان بفستان زفاف الملكة فريدة زوجة الملك فاروق هذه عمتها سلوى . بعد حائط الذكريات توجد الصالة الرئيسية للشقة و كان بها صالونان أحدهما كحلى اللون و الآخر سكرى اللون كان يوجد بالبيت إحساس بالألفة و الجو العائلى المثالى . أخيراً وجدت ندى من ينتظرها فى الصالون جميع أفراد عائلتها بداية من أبيها و أمهها و مرورا بعمتها سلوى و عمتها الآخرى سعاد و عمها جمال و ابنه و ابن عمتها سلوى و بالنهاية زوج عمتها عماد الذى كان يقف خلف ندى . نظرت ندى حولها بتعجب و ضحكت ضحكة سخرية ......

ماما هى المسألة دى تتحل إزاى ؟ عادت ندى من رحلة ذكرياتها على صوت إبنها محمد
ندى: ورينى يا حبيبى .... دى سهلة أووى انت حليت زيها كتير بص بقى ......
كانت ندى تتمنى فى يوم من الأيام ان تكون حياتها مثالية و لكنها مع الوقت لم تعد تطمح لهذه المثالية و لكن كل ما كانت تتمناه أن يعيش ولديها حياة متوازنة بدون ان يتأثروا بخلافتها مع حسين و لكن مع مرور الأحدى عشر عام التى قضتهم مع حسين أصبح ولديها واعيين تماما لما يحدث بينها و بينه و أصبح ذلك يؤثر فيهم بالسلب سواء على نفسيتهم او على علاقتهم الإجتماعية مع من حولهم حيث أن أصبحوا منطويين على أنفسهم و أثر ذلك أيضا على مستواهم الدراسى و تلقت ندى الكثير من الشكاوى من ولديها من مديرة المدرسة التى يرتادوها حيث أنهم لا يعطوا تركيز كامل للدراسة و مائليين للعنف مع الأولاد معهم فى المدرسة . كانت ندى مدركة تماما أن هذا ممكن أن يحدث منذ أن أصبحت حامل فى أحمد ولدها الكبير و لكنها حاولت كثيرا تغيير ذلك و لكنها لم تستطع .
أخذت ندى تتفقد منزلها و تلقى نظرة على كل غرفة و كأنها تلقى نظرة على ذكرياتها فى هذا المنزل لم تستطع ندى تذكر ولا ذكرى واحدة كاملة من السعادة بدون ان ينهيها حسين بنكد و شجار كالمعتاد . كانت متطلبات ندى تغيرت على مر السنين هى فى البداية كانت تطلب من حسين ان يحبها كحب الأساطير و لكن لم يُلبى لها هذا الطلب . أصبحت تطلب منه فقط ان يهتم بها و ان يحس بها و لكن ذلك طلب لم يُلبى أيضا . فأصبحت أخيرا لا تطلب منه غير ألا يهنها أنا أولادها و ألا يتشاجر معها أمامهم حتى ا تتأثر نفسيتهم و لكن ذلك الطلب أيضا لم يُلبى و كان مبرره الوحيد انه لا يفكر فى هذه التافاهات كما تفكر بها هى لأنها كانت دماغها خالية من أعباء الحياة و لذلك تفكر بتفاهات و تطلب منه تلبيتها .
لاحظت ندى ان ابنها الكبير أحمد يجلس أمام التلفزيون و هو مغلق و لا ينطق بأى كلمة منذ فترة ليست بالقصيرة نادت عليه و لكنه لم يجيبها ذهبت إليه و جلست بجواره
ندى: أحمد !! أحمد !!! فى ايه مالك سرحان فى ايه ؟
أحمد: مش سرحان فى حاجة يا ماما
ندى: طب انت قاعد ساكت ليه و مفتحتش التلفزيون ليه؟
أحمد: ماما انا عايز اسألك سؤال هو انا امتى هموت ؟
ندى: بعد الشر عليك يا حبيبى ربنا يديك طولة العمر و افرح بيك و ب عيالك ان شاء الله انت ليه بتقول كده؟ فى حاجة مضيقاك
أحمد: هو انتى يا ماما انتى و بابا بتحبونى انا و محمد ؟
ندى: ااه طبعا يا حبيبى بنحبوكوا هو احنا لينا غيركوا
أحمد: طب بتحبوا بعض ؟
تلجلجت قليلا ندى ثم قالت: اه يا حبيبى
أحمد: امال يا ماما مادام بتحبوا بعض ليه بتتخانقوا كتير ؟
ندى: يا حبيبى كل الكبار بيختلفوا مع بعض و بعد كده بيتصالحوا وانا و بابا بينا حاجت مختلفة ف ساعات نختلف مع بعض و بعد كده بنتصالح
أحمد: بس انا و محمد بنضايق لما انتوا بتتخانقوا و بنفضل طول الليل نحلم أحلام وحشة
ندى: انا اسفة يا حبيبى و اوعدك ان احنا منتخانقش تانى خالص
احتضنت ندى ولدها أحمد و فى هذه اللحظة أدركت ان ولديها لم يعدوا أطفال و أصبحوا يدركوا كل ما يحدث من حولهم بينها و بين حسين .كانت ندى منذ أن علمت بأنها حامل كانت خائفة من هذه اللحظة كثيرا و لكن هذه اللحظة اتت أسرع بكثير مما كانت تتخيل .
وصل حسين للمنزل فى هذه الأثناء و بعد طقوس دخوله البيت من تغيير ثيابه و تناول الغذاء و ما إلى ذلك . نادت عليه ندى و  لكنه كالعادة لم يعر اى اهتمام لنداءها عليه خرجت له ندى من غرفتها قائلة : حسين لو سمحت عايزاك فى كلمتين جوه
حسين: طب ما تقولى انتى عايزة ايه انا عايز اتفرج على البرنامج ده
ندى: معلش كلمتين مهمين شوية و ماينفعوش هنا ممكن تيجى
دخلت ندى غرفة نومها و دخل وراءها زوجها قائلا : طب ما تستنى لما الولاد يناموا حبكت تعوزينى دلوقتى
ندى: حسين انت دماغك مفيهاش غير كده هو انا مينفعش اكون عايزاك فى اى حاجة تانية
حسين: يبقى عايزة فلوس
ندى: برضه لأ
حسين :طب فى ايه يا ريت تقولى بسرعة لأنى راجع هلكان من الشغل
روت له ندى ما قاله أحمد لها و لكنه كعادته استخف بالموضوع
حسين: يا شيخة خضيتينى عيل و بيقول اى كلام
ندى: لا يا حسين هو مش عيل عنده 9 سنين خلاص مبقاش عيل و كمان انت لو بتقعد مع ولادك كنت عرفت انهم متأثرين باللى انت بتعمله ده
حسين: انا اللى بعمل و انتى الملاك البرئ
ندى : انا لا قلت ملاك برئ و لا غيره انا بقول ان انت لو حابب انك تتخانق يا ريت تبطل تتخانق ادامهم لأنهم متأثرين جدا بالموضوع ده
حسين:خلاص متبقيش انتى تضايقينى و انا مش هتخانق معاكى ادامهم
ندى: انا مبنرفزكش انت اللى بتصر انك تهينى فى ا وقت المهم دلوقتى لو مكنتش انت خايف على نفسية الولاد انا خايفة عليها
حسين: خلاص يا ست يا بتاعة النفسية محسسانى انى قاعد مع دكتورة نفسية ده انتى صيدلانية ولا نسيتى
قالت ندى بينها و بين نفسها : البركة فيك انت تسيتنى كل حاجة حتى انك نسيتنى نفسى
ثم قالت ندى بصوت مسموع لحسين : لا منستش لسه فاكرة
و فى طريقها لمغادرة الغرفة قال لها حسين : ما تيجى بعد ما العيال يناموا .....
قاطعته ندى: ماشى يا حسين
غادرت ندى الغرفة و هى يزداد بداخلها احساس انها تخطئ فى حق أطفالها و فى حق نفسها تحولت حياة ندى كلها لعادة حتى اللحظات الخاصة بينها و بين زوجها أصبحت عادة لا تشعر فيها بأى شئ أصبحت ندى احدى المومسات و لكن بطريقة شرعية وورقة زواج رسمية موثقة و لكنها أحست نفسها لا تختلف كثيرا عنهم . من الممكن ان بعض يعترض او يستنكر طريقة تفكير ندى و لكن هذه الحقيقة التى يحاول مجتمعنا إخباءها او انكارها . كم زوج مصرى يحاول إسعاد زوجته أو إشعال شرارة حبهما مرة آخرى فى الحياة العادية . كم زوج مصرى بعد مرور سنتين او ثلاثة على الأكثر يفكر فى احتياجاته فقط و هذه المدة لمن رحم ربى و لكن فى آخريين بمجرد انتهاء قترة أسبوع العسل . كم زوج مصرى يبوخ إمرأته على زيادة وزنها و عدم اهتمامها بنفسها و فى نفس الوقت لا ينظر لنفسه ولا يرى كم ازداد وزنه و ان من حق امرأته ان يهتم بمنظره و جسده كما هو من حقه ان تهتم هى بمنظرها و بجسدها . و لكن لأنه رجل فلا يهتم بهذه الأمور و لكن لابد ان يرى فى زوجته كل النساء الجميلة من هيفاء وهبى و إليسا و نانسى عجرم و لا يحق لزوجته ان ترى فيه أحمد عز و محمد رجب و كريم عبد العزيز . بالأختصار المجتمع المريض الذى نعيش فيه يمجد الرجل و متطلباته مع ان فى نفس الوقت المرأة لها نفس المتطلبات و لكن لأن الرجل هو العنصر المهيمن على المجتمع ف هو و متطلباته فوق النصف الآخر للمجتمع ......


1 comment:

  1. بالأختصار المجتمع المريض الذى نعيش فيه يمجد الرجل و متطلباته مع ان فى نفس الوقت المرأة لها نفس المتطلبات و لكن لأن الرجل هو العنصر المهيمن على المجتمع ف هو و متطلباته فوق النصف الآخر للمجتمع ......
    (y)

    ReplyDelete